اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية…
قالت إرنستو أوتونيمساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة:
” لقد نشأت مفارقة أساسية حيث ازداد انتفاع الناس على الصعيد العالمي بالمحتوى الثقافي واعتمادهم عليه، بينما يجد من ينتجون الفنون والثقافة أنَّ العمل يزداد صعوبة”.
وقالت أيضا: “علينا إعادة التفكير في كيفية بناء بيئة عمل مستدامة وشاملة للمهنيين العاملين في المجالين الثقافي والفني، الذين يضطلعون بدور حيوي في المجتمع في شتى أصقاع المعمورة”.
نحتفل بـ 21 أيار/ مايو من كل عام باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية ليس فقط بالثراء الثقافي العالمي، بل أيضا بالدور الأساسي الذي يلعبه الحوار العابر للثقافات في تحقيق السلام والتنمية المستدامة. فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي هذا في 2002 بعد أن اعتمدت اليونسكو في 2001 الإعلان العالمي للتنوع الثقافي وذلك اعترافا بـ “ضرورة تعزيز الإمكانية التي تمثلها الثقافة بوصفها وسيلة لتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة والتعايش السلمي على الصعيد العالمي “.
ومع اعتماد الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر عام 2015 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، باتت رسالة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية أكثر أهمية من أي وقت مضى. هذا ويمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 على أفضل وجه من خلال الاعتماد على الإمكانات الإبداعية الكامنة في ثقافات العالم المتنوعة، والانخراط بالحوار من أجل ضمان استفادة جميع أفراد المجتمع من التنمية المستدامة.
تقرير جديد لليونسكو: إعادة صياغة السياسات من أجل منح المبدعين قدراً كافياً من الحماية.
أثبتت الجائحة القيمة الجوهرية للقطاع الثقافي والإبداعي في بثِّ التماسك الاجتماعي وتوفير الموارد التعليمية أو تحقيق الرفاه الشخصي في أوقات الأزمات. ولكنها قوَّضت قدرة هذا القطاع على تحقيق النمو الاقتصادي، التي لا تُعطى حقَّ قدرها في كثير من الأحيان.
ولكن بيَّنت هذه الأزمة أيضاً التحديات الكبيرة التي ينبغي التصدي لها بغية ضمان الحفاظ على تنوع أشكال التعبير الثقافي في العالم، بما يتماشى مع اتفاقية اليونسكو لعام 2005 بشأن حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي.
ضمان تنوع أشكال التعبير الثقافي.
يبيِّن تقرير جديد لليونسكو يحمل عنوان “إعادة صياغة السياسات المتعلقة بالإبداع”، أنَّ المساعدة الإنمائية المخصَّصة للثقافة والترفيه آخذة في التراجع، وعلى الرغم من استمرار ازدياد تدفق السلع والخدمات الثقافية عالمياً، فقد أحرز تقدم طفيف من ناحية التصدي للتفاوت الكبير بين البلدان المتقدمة والنامية. ولا يزال عدم المساواة قائماً بشدة في القطاعين الثقافي والإبداعي، مثل عدم المساواة الذي تواجهه العديد من النساء.
وهذا يؤدي إلى الحدِّ من تعامل الناس مع مختلف أشكال التعبير الثقافي من جميع أنحاء العالم، في حين أنَّ هناك حجة مقنعة بأنَّ التنوع هو عنصر أساسي في تحقيق التماسك الاجتماعي والسلام بين الشعوب. وفي المقابل، هو يحدُّ من قدرة القطاع الثقافي على دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلدان النامية، حيث يمثل القطاع الثقافي 3.1% من إجمالي الناتج المحلي و6.2% من مجمل فرص العمل.
انهيار غير مسبوق في إيرادات القطاع وفرص العمل التي يوفرها.
تشير تقديرات اليونسكو إلى فقدان 10 ملايين فرصة عمل في الصناعات الإبداعية خلال عام 2020 بمفرده، بسبب الجائحة. كما تشير إلى تراجع إجمالي القيمة المضافة العالمية للصناعات الثقافية والإبداعية بمقدار 750 مليار دولار أمريكي في عام 2020. وقد تراجعت إيرادات هذه الصناعات بنسبة تتراوح بين 20% و40% في البلدان التي تتوفر بيانات عنها.
وكان الإنفاق العام على الصناعات الإبداعية في جميع أنحاء العالم، قد تراجع في الأعوام التي سبقت تفشي جائحة “كوفيد-19″، مما أدى بدوره إلى انهيار غير مسبوق في إيرادات هذا القطاع وفرص العمل فيه، ومن ثمَّ أدى إلى تفاقم ظروف العمل غير المستقرة للعديد من الفنانين والمهنيين العاملين في القطاع الثقافي في مختلف أنحاء العالم.
وكانت شبكة الضمان الاجتماعي غير كافية أصلاً في العديد من البلدان، غير أنَّ الجائحة كشفت عن مدى هشاشة العاملين في القطاعين الثقافي والإبداعي.
تقديم الحماية للعاملين في القطاع الثقافي بما يتوافق مع الحماية المقدمة إلى عموم العاملين.
يدعو التقرير الحكومات إلى ضمان توفير الحماية الاقتصادية والاجتماعية للفنانين والمهنيين العاملين في القطاع الثقافي، التي يتمتع بها أصلاً العاملون في كثير من القطاعات الأخرى. وهو يقترح على سبيل المثال، النظر في تحديد حدٍّ أدنى للأجور للموظفين في مجال الثقافة، ونظام أفضل للمعاشات التقاعدية والإجازات المرضية المدفوعة للمستقلين.
وبينما يعترف التقرير بالفرص التي نتجت عن التحول المتسارع في المحتوى وفنون الأداء الثقافية نحو المنصات الرقمية، فهو يسلِّط الضوء على الحاجة الملحة إلى وضع نظم أكثر إنصافاً للأجور التي يحصل عليها الفنانون مقابل المحتوى المستهلك عبر الإنترنت، فالأجور على الإنترنت لا تعوِّض التراجع الحاد في الإيرادات الناتج عن قلة الفعاليات الحية.
المصدر: يونيسكو