” قوة حنان النفس” في ضوء علم النفس …
بقلم: ميادة مدني
قال تعالى ” وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ”
حنان النفس أحد علامات أسرار علم النفس وعالمها، فعندما نسمع بكلمة ” حنان” يطبع في أذهاننا العطف، رقة القلب والطيبة. فشخصية الحنان ، هي في الأصل حساسية مفرطة أي نابعة من شخص حساس تجاه أي شي يواجهه أو يتعامل معه .وفرط الحساسية في التعامل يولد إساءة الظن بالتفكير. فكيف لنا أن نوازن في ” حنان النفس ” ؟
أولا كلمة حنان صفة فعلية عاطفية التي يجب أن نضعها في ميزان العقل. فالحنان مشاعر قلبية لأن الحنان من غير عاطفة يعتبر لا شيء، والتجرد من المشاعر هو الجفاء بالبرود والقسوة في التعامل فأصبحت مشاعر مبعثرة غير موزونة ..
ويبقى الحنان في أصل الأم. لأنها الرحمة التي أنزلها الله عليها وأوجدها، فتعطي حنانها لزوجها وهي سكنه و لأولادها ولكن من غير تملك . والزوج يعطي حنانه لزوجته وأولاده بطيبة قلبه ورأفته. وأيضا من غير تملك. فالتملك يفسد العطف والحنان.
وأيضا الحنان رحمة وقوة وقيادة. واستخدام الحنان يكون بالقوة في تهذيب النفس لمواجهة الحياة فيحتاجه الكبير والصغير وبه تستقيم الأمم وبها تقيم.
ولكن ماذا يقصد “بقوة حنان النفس” ؟ أي نفسك أنت، أن تبدأ بنفسك قبل كل شيء في أن ترحمها. فالنفس تحتاج الى العطف والحنان والرحمة لتواجه به كل صعب مستصعبا …
فعندما تنظر إلى نفسك بلا رحمة تنازعها وتنتقدها في اي تقصير قد قمت به، فتذكر حينها أنك غير مثالي، وهنا حكم عقلك، واعطف على نفسك واحنو عليها، وذلك بالاهتمام بنفسك في أن تتقبل ذاتك وإنسانيتك وتحترمها.
فدائما نحن في صراع لمواجهة الحياة لأننا لسنا مثاليين بل مبتلين. فافتح قلبك لنفسك باستمرار ولا تحاربها وشارك غيرك بالشعور نحوهم فهم يألمون كما تألمون..
انظر لقوة الحنان دائما كمعادلة …
وحنان النفس عندما ننظر إليها كمعادلة ننظر بقوتها في ثلاث:
-1 في أن نحكم على ذاتنا في أن نستلطفها
-2 في الإنسانية المشتركة و تكون بما نشعر به هو نفس ما يشعر به غيرنا
-3 في أن نتعاطف مع أنفسنا أي أن نضع مشاعرنا، السلبية في ميزان، حتى لا يتم كبتها أو المبالغة فيها، ويكون مربط الفرس هنا، في مقارنة التجارب الشخصية بتجارب الآخرين.
فالمعادلة مرتين، في قوة حنان النفس، وهي النفس مع النفس، والنفس مع الغير. وهنا القوة وهنا الرحمة …
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾