مقالات

دور اللغة في التواصل الحضاري


دور اللغة في التواصل الحضاري إن العلاقة بين اللغة والحضارة علاقة تأثر وتأثير، فلا يمكن الحديث عن تطور فكر أو حضارة وتجاهل الحديث عن اللغة، فاللغة ليست فقط ألفاظ وأصوات ومفردات؟ كما أنها ليست وسيلة للحوار والتواصل فيما بيننا فقط، بل هي التي تدل على الأصل الجنسي للمتلكم، وهي التي تعبر عن الانتماء لمجتمع معين ولحضارته وثقافته، كما يُنقل من خلالها الثقافات والكنوز الحضارية.

c

فمن خلال الاحتكاك بين شعوب العالم، العربية منها والأجنبية، أدى ذلك إلى التداخل بين لغات الشعوب، وأصبح هناك تعايشٌ بين هذه اللغات المختلفة؛ حيث نجد الكثير من المصطلحات العربية على سبيل المثال موجودة بقوة بين المصطلحات الأجنبية وقد اعتمدتها الدول الأجنبية. أصبح هنالك تطور حضاري من خلال التبادل الثقافي واللغوي الكبير، تعبر اللغة عن الانتماء لمجتمع ما، وبالتالي فإنها انعكاس لحضارتها، فكلما كانت لغة الأمة حية ومتداولة بين الدول المجاورة وحاضرة بقوة بين الشعوب، كلما كانت حضارتها متطورة ومتناقلة من دولة إلى أخرى.


أهمية اللغة في التواصل

إن أهمية اللغة تنطلق من أنها أداة للتواصل بين بني البشر، فالإنسان إنْ أراد أن يعبر عن فكرة يريد نقلها للآخرين فلا يمكنه نقلها إليهم دون أداة للتواصل، وهذه الأداة هي اللغة باختلاف النوع الذي يحكم أداءها، فهي إما أن تكون منطوقة عن طريق الأصوات أو الإيماءات، أو مكتوبة عن طريق النظام الذي يقوم على مجموعة الرموز المتعارف عليها بين أفراد المجتمع الواحد. اللغة هي التي تعطي المفاهيم التمايز والاختلاف والمعنى التفاعلي، كما أنها ليست وسيلة للتواصل فحسب، بل هي مادة الفكر وأداة التفكير، ووسيلة الارتقاء في المجتمع البشري وبدونها يتعذر نشاط الناس المعرفي، أما عن كونها أداة للتفكير فإن أفكار الإنسان تُصاغ في قالب لغوي حتى وإن كان تفكيره باطنياً، فمن خلال اللغة تحصل الفكرة على وجودها الواقعي وتتشكل في صورة ستخرج للوجود من خلال النطق عما قريب. تعد اللغة من أهم مظاهر السلوم الإنساني فإذا كانت وظيفتها الأساسية التعبير عن الأفكار بالرموز، فه تُعد أيضاً من العوامل التي تؤدي إلى ارتقاء الشعوب وتطورها، فكثيراً ما نرى أن أصحاب اللهجات المحكية الذين يسكنون القرى والأرياف لديهم مرجعية أقل مقارنة بأصحاب اللهجات المحكية في المدن المتحضرة؛ ذلك أن المعجم اللغوي لديهم يكبر ويتسع بسبب الانفتاح على ثقافات الشعوب، والتأثر والتأثير. كما يمكن تعريف اللغة: مجموعة من الرموز المكتوبة أو المنطوقة، التي تقدم العديد من الوظائف، كالتعبير عن الذات، والتعبير عن الأفكار، ويستخدمها الإنسان للانخراط بالمجتمع والبشرية، أو كما عرفها ابن جني في كتابه الخصائص أنها: “أصوات يعبر بها كلُّ قوم عن أغراضهم”، أما الحضارة: هي منهج فكري يتمثل بإنجازات مادية ومعنوية تدل على تطور المجتمع، وتقدمه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.


دور اللغة العربية في التواصل الحضاري

تعتبر اللغة العربية من أهم اللغات في العالم كله، وذلك لما تحتويه من الكم الهائل من المفردات والكلمات والألفاظ في معاجمها، وباختلافها عن بقية اللغات على وجه الأرض لما تحتويه من التشبيهات والمحسنات اللغوية، فهي أقدم اللغات السامية، كما تسمى لغة الضاد، وقد جاءت هذه التسمية لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد، فهو من أصعب الحروف لفظاً للناطقين بغير العربية. ونظراً لأهمية اللغة العربية وانتشارها في جميع دول العالم، واحتكاكها بالدول المجاورة من خلال التعامل الاقتصادي والتجاري والثقافي فيما بينهم، فقد كان لها التأثير الكبير على الحضارات الأخرى، وقد دخلت الكثير من المفردات العربية واختلطت في اللغات الأجنبية، مما عمل على تنوع المفردات في اللغة الواحدة بين مفردات علمية وثقافية وأدبية ومفردات تلفظ في حياتنا اليومية بشكل عفوي؛ أي الألفاظ العامية. دخلت أيضاً مصطلحات طبية ونباتية إلى علم الصيدلة والنباتات مثل، عنب، زعفران، صندل، مسك، وبما أن اللغة العربية هي اللغة التي أنزل بها القرآن، فقد كان لها الدور الكبير في نشر الإسلام، فهي اللغة الأم للدين الإسلامي.كذلك فإن التواصل الديني في عملية البناء الحضاري تتم عن طريق اللغة العربية، والمحافظة على اللغة العربية هي محافظة على الدين الإسلامي وذلك لأهمية اللغة العربية في الإسلام، كونها لغة القرآن، كما أنها كانت وسيلة في نشر الثقافات بين الدول، وساعدت في إرساء أسس السلام، وهي أداة لاستحداث المعارف وتناقلها.

دور اللغة في التواصل الحضاري

بقلم – عاصم الأسمر

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف اقدر اساعدك