اخبار

تمييز دبي : لا مسؤولية على المستشارين القانونيين في الفتوى وإبداء الرأي والمشورة

تمييز دبي : لا مسؤولية على المستشارين القانونيين في الفتوى وإبداء الرأي والمشورة

c

مبدأ جديد يوسع سلطة المحامين المزاولين

تمييز دبي : لا مسؤولية على المستشارين القانونيين في الفتوى وإبداء الرأي والمشورة

أرست محاكم دبي مبدأ قانونياً جديداً مؤخراً اعتبره القضاء انتصاراً لكل من يزاول مهنة المحاماة، حيث يؤكد المبدأ سلطة المستشار القانوني في إبداء رأيهصراحة لكل من رغب في مشورته، وعدم المسؤولية عن الأضرار التي تنشأ عن الاستعمال المشروع للحق في الفتوى وإبداء الرأي القانوني والمشورة القانونية.

ورغم أن استخلاص قيام المحامي بعمله في تقديم المشورة القانونية لمن يطلبها في حدود القانون وعدم تجاوزه لواجبات وظيفته هو من أمور الواقع التي تستقلبها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها ثبوتاً ونفياً، إلا أن لمحكمة التمييز أن تتدخل إذا كانت الأسباب التياعتمد عليها الحكم لا يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها لقصور في أسبابه أو فساد في استدلاله.

وكانت محكمة دبي الابتدائية قضت في وقت سابق بإلزام مستشار قانوني بأن يؤدي بالتضامن مبلغ 150 ألف درهم لمستشفى خاص بعد نشر تحقيق بإحدىالمجلات أبدى فيه المستشار رأيه في قضية معينة تؤكد تقصير المستشفى في أداء واجبها.

ولما لم يرتض المستشار القانوني الحكم فقد استأنفه ليأتي حكم الاستئناف مؤيداً لحكم أول درجة بحجة أنه «من خلال حقه في إبداء رأيه أساء للمستشفىبأن وجه إليها اتهاما صريحاً بالخطأ والتقصير، بل وأكد على توافر واكتمال الأدلة على هذا الخطأ، فالمستشار بهذا استعمل حقه بطريق غير مشروع،فالمصلحة المرجوة .

وهي نشر أفكاره عن الأخطاء الطبية وطبيعتها والمسؤولية عنها هي أفكار مهمة من حيث المبدأ، ولكن لا يتناسب أن يوجه اتهاما محدداً بالتقصير والخطأ إلىشخص أو هيئة بعينها، إذ أن الضرر الذي يصيب به المستشفى يقومه إعلام الآخرين بالرأي القانوني في هذه المسألة».

وأخيرا طعن المستشار على الحكم بالتمييز التي انتصرت له بأن أرست المبدأ سالف الذكر ولتقضي بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى وإلزامالمستشفى بالمصروفات عن درجتي التقاضي وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.

* تفاصيل القضية

وتعود تفاصيل القضية التي نظرتها تمييز دبي برئاسة القاضي محمد محمود راسم وعضوية كل من القضاة فتيحة محمود قرة وزهير أحمد بسيوني ورمضانأمين اللبودي ومحمد مسعد الشريف إلى إقامة إحدى المستشفيات الخاصة بدبي دعوى مدنية ضد إحدى المجلات ودار النشر التابعة لها .

ومدير تحريرها وصحافية عاملة بالمجلة وأحد المستشارين القانونيين مطالبة بإلزامهم بأن يدفعوا بالتضامن مبلغ مليون و100 ألف درهم تعويضا عما لحقهامن أضرار جراء الخطأ المنسوب إلى كل منهم، على اعتبار قيام الأولى بنشر تحقيق صحافي نسب فيه المستشار القانوني إلى المستشفى وجود تقصيروإهمال أدى إلى توافر الخطأ في جانبه والتزامه بالتعويض المستحق عنه.

وكان ملخص التحقيق قيام المستشفى المعني بإخبار إحدى السيدات بإصابتها بمرض «الايدز» الذي أثبته التحليل المبدئي، ليكتشفوا أن النتيجة غيرصحيحة بعد فترة عانت فيها المرأة الأمرين من الألم الجسدي والنفسي.

وحيث إن المستشار القانوني جرى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن صفته كأستاذ جامعي ومتخصص في علوم القانون ويمارس مهنة المحاماة والاستشاراتالقانونية منذ أكثر من عشر سنوات حتى اليوم.

وأن من ضمن أبحاثه العلمية موضوع مرض الايدز، ومن ثم يحق له إبداء الرأي بالمشورة القانونية لمن يطلبها وفقا لأحكام الدستور وقانون المحاماة الاتحاديوقانون الجامعة ووفقا لقانون المطبوعات والنشر، ومادام لم يتوفر لديه قصد التعدي أو الإضرار وسوء النية وبما يحقق المصلحة العامة ولا يتعارض معها.

وتبعا لذلك وبمقتضى صفته المشار إليها طلبت منه الصحافية العاملة بالمجلة إبداء الرأي في التحقيق الصحافي الذي أجرته في واقعة عامة مجردة دونتخصيص اسم المستشفى وفي مسألة عامة عنوانها «المسؤولية الطبية للأطباء والمستشفيات المعالجة»، وأن ما قاله كان رداً على تساؤلات الصحافية .

وفي حدود الإجابة اللازمة لكل تساؤل، بخصوص ما إذا كان يجوز اطلاع المستشفى للمريضة على نتيجة التحليل الأولي في مرض كالايدز خاصة إذا كانتالفحوصات الأولية أكدت الإصابة بهذا المرض.

وهل يكفي اعتذار المستشفى للمريضة إثر إخطارها بالمرض لأول مرة وبعد التحليل أم يلزم تأكيد هذا التحليل في الخارج، وعما إذا كان يترتب خطأ من عدمهما يجيز للمتضررة المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الخطأ.

* ضرر نفسي

وأفاد المستشار القانوني بصفته المشار إليها وبصفة عامة دون تخصيص اسم المستشفى بأنه لا يجوز لأي مستشفى حكومي أو خاص إطلاع مريضته علىذلك إلا بعد الحصول على نتيجة الفحص النهائي والتأكد من ذلك بصورة قاطعة، لأن علم المريض بهذا المرض عن طريق طبيب أو مختبر طبي قد يؤدي إلىالإساءة إلى حالة الشخص بدرجة كبيرة.

وقد ينجم عنه مرض نفسي وعصبي، وأنه لسلامة المريض والحفاظ عليه ينبغي التأكد من الخبر قبل إبلاغه بذلك، وأن الاعتذار للمريض عن الإخطار المبدئيبالمرض بعد إجراء التحليل النهائي هو نوع من الاعتراف بالخطأ والتقصير، ما يتطلب المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن هذا التقصير.

مضيفا أنه إذا كان كما تقول الصحافية بأن المستشفى مرتكبة الخطأ مستشفى كبير فإنه من المستغرب عدم وجود أجهزة دقيقة لديها تؤكد وجود مثل هذاالمرض من عدمه، سيما .

وأن هذه الأجهزة متوفرة في مستشفيات حكومية كثيرة، وأنه كان من الممكن مخاطبة هذه المستشفيات وإرسال العينة لتحليلها لديها، وأن المتضرر يعوض عنالضرر النفسي والأدبي الذي أصابه نتيجة هذا التقصير وفقا لأحكام قانون المعاملات المدنية.

كما أوضح المستشار خلال دفاعه أن ما ساقه كان في مجال إبداء المشورة القانونية والرأي والرد على أسئلة الصحافية، وجاء عاماً دون تخصيص بذكر اسمالمستشفى أو مكانها ودون علمه باسم المريضة، فأضحى ما قام به مما يدخل في حدود المشورة القانونية ولا مخالفة فيه لأحكام الدستور والقانون.

كما أنه لا مصلحة خاصة بينه وبين المستشفى أو عداوة بين الطرفين، ولا ينطوي ما أورده من أقوال على أية إساءة في استعمال الحق المنصوص في المادتين104، 106 من قانون المعاملات المدنية، ما لازمه انتفاء حصول الخطأ في جانبه، ويتعين لذلك القضاء بانتفاء مسؤوليته وبرفض الدعوى.

*عدم المسؤولية

من جانبها أكدت محكمة التمييز أن المشرع وضع مبدأ عدم المسؤولية عن الأضرار التي تنشأ عن الاستعمال المشروع للحق ومن ضمنه الحق في الفتوىوإبداء الرأي القانوني والمشورة القانونية، وحدد أربعة معايير للاستعمال غير المشروع للحق بما يصدق عليه وصف التعسف أولها أن يكون استعمال الحقمقصودا به الإضرار بالغير.

والثاني أن يكون استعمال الحق بغرض تحقيق مصلحة غير مشروعة عبر مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو تعارضها مع قواعد النظام العاموالآداب، والثالث أن يترتب على استعمال الحق تحقيق مصالح قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر.

والرابع أن يتجاوز الشخص في استعمال حقه ما جرى به العرف والعادة بين الناس، ويقع عبء إثبات ذلك على المتضرر ولا يكفيه إمكان تصور صاحب الحقاحتمال وقوع الضرر من جراء استعمال حقه إذ لا يعني ذلك توافر قصد الإضرار لديه.

كما أشار الحكم إلى أن استخلاص وتقدير قيام أو نفي التعسف هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة، إلا أن شرطذلك أن تكون محكمة الموضوع فهمت الواقع المطروح في الدعوى .

وأن تكون أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق، كما أن مهنة المحاماة حرة، الغرض منها تأدية خدمة عامة ينظمها قانون تنظيممهنة المحاماة، وأن هناك التزام يقع على عاتق كل محام في تقديم المساعدة القضائية والقانونية لمن يطلبها.

ومن صميم أعماله تقديم المشورة والرأي القانوني، وبما أن ما خلصت إليه محكمة الموضوع لا ينهض في ذاته دليلاً على ثبوت خطأ المستشار القانوني، كماينطوي على فهم خاطئ لعناصر الدعوى المطروحة عليها لعدم ثبوت سوء قصده في إبداء المشورة القانونية أو الإساءة إلى المستشفى.

وهو ما لا صدى له في العبارات التي صاغ بها المستشار رأيه القانوني مجردا في واقعة إبلاغ صاحبة الشأن بإصابتها بمرض الايدز مسبقا قبل التحقق منهذه النتيجة، وهو ما لا يتضمن في ذاته توافر قصد الإساءة إلى المستشفى وعليه تقضي المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى.

كتبت رابعة الزرعوني

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف اقدر اساعدك