لبنان| عائلة كاملة تلقى حتفها بحادث سيرٍ مروّع.
يخيّم الحزن والأسى، منذ مساء أمس السبت، على بلدة عرسال شرقيّ لبنان، إثر حادث سير مروّع وقع جرّاء اجتياح شاحنة محمّلة بأكثر من 40 طنّاً من الحجارة والصخور عدداً من السيارات والمركبات، ما أودى بحياة ثمانية أشخاص، بينهم سائق الشاحنة، ديب محمد غداده، وسبعة من عائلة واحدة، هم: يوسف الفليطي وزوجته وأولادهما الأربعة، أصغرهم بعمر 8 سنوات، وأكبرهم شابّة بعمر الـ21 عاماً لقيت حتفها وزوجها.
الحادثة المأساوية التي ألمّت بأهل البلدة، وقعت في محلة وادي عطا في عرسال، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، التي أضافت أن الحادثة سببت أيضاً “إصابة خمسة آخرين بجروحٍ”.
وتعطلت مكابح الشاحنة فاصطدمت بسيارة “بيك آب” تنقل عائلة الفليطي، ثمّ اصطدمت بسياراتٍ عدّة، قبل أن تستقرّ في خزان أحد المنازل وتحترق.
وفيما شيّع أهالي البلدة اليوم ضحايا الحادث الأليم، أعرب محمد الفليطي (أبو عبدو)، ابن عم يوسف، عن حجم المصيبة، قائلاً : “قضت عائلة بأكملها بلمح البصر، والكارثة حلّت علينا جميعاً”، سائلاً: “على مَن نُلقي اللّوم والمسؤوليّة، فالتقصير من الجميع، ناهيك عن التقصير الكبير من الدولة”.
بحسرةٍ وغصّةٍ، ترحّم أبو عبدو على أراوح يوسف وعائلته، “فابنه الصغير لم يتجاوز الثماني سنوات، والأكبر منه فتاة بعمر العشر سنوات، والآخر فتى بعمر 14 سنة، أمّا أكبرهم فشابّة بعمر 21 عاماً لم يمضِ عامٌ على زواجها، وهي تتابع كذلك دراستها الجامعيّة”، مبدياً أسفه لكونه “لم يلبث أن أنهى هؤلاء الأولاد عامهم الدراسي حتّى انهمكوا في مساعدة أهلهم في قطاف الكرز، غير أنّ الموت كان بالمرصاد”.
وصف رئيس بلدية عرسال، باسل الحجيري، الحادثة بـ”الفاجعة المؤسفة جدّاً، فالشاحنة كانت عائدة من مقلعٍ في جرود عرسال باتجاه معامل الصخر، قبل أن يفقد سائقها السيطرة عليها جراء توقف المكابح”، مناشداً “أصحاب الشاحنات والسيارات الحرص على الصيانة الدائمة لمركباتهم والتأكّد من سلامتها، فأرواح الناس ليست رخيصة”.
وإذ كشف أنّ “سائق الشاحنة من عائلة غدادة هو أحد جيران عائلة الفليطي تربطه بها علاقة قرابة وصداقة ومصاهرة”، لفت الحجيري إلى أنّه “بدايةً أُسعِف السائق، قبل أن يُنقَل إلى مستشفى الجعيتاوي في بيروت، المتخصّص بمعالجة الحروق، حيث فارق الحياة”، وتحدّث عن بعض الإصابات بجروحٍ طفيفة، “بينهم أب وولداه، ولاجئة سوريّة تحتاج لصورةٍ شعاعيّة، أضف إلى أضرارٍ ماديّة وتضرّر عدد من السيارات”.
من جهته، أحد الناجين، وليد السلطان، أوضح كيف أنّه كان يملأ خزان أحد جيرانه بمياه الشّفة، لكونه يعمل في نقليات المياه “قبل أن تنزلق الشاحنة وتصطدم بعمودٍ في الشارع، ومن ثمّ بالخزان، حيث كنت واقفاً، وتقلبه على “البيك أب” الخاص بي”.
وأضاف السلطان: “بأعجوبةٍ نجا طفلاي اللّذان كانا داخل “البيك أب”، أحدهما بعمر السنتين والآخر ثماني سنوات، وقد أُصبت بدوري بجروحٍ طفيفة”، متحسّراً على فقدان عائلة الفليطي، “فهم من أبناء بلدتي الكادحين في سبيل لقمة عيشهم، حالهم حال أغلب اللبنانيّين، ولا سيّما في ظلّ الظروف العصيبة، لكن للأسف شاء القدر أن يحرمنا إياهم”.
من جهته، دعا زياد عقل، مؤسّس ورئيس جمعية “اليازا”، وهي جمعية لبنانية تُعنى بالتوعية على السلامة المرورية، في حديثه لـ “العربي الجديد”، إلى “إجراء تحقيقٍ جدّي لا شكليّ كما يجري بالعادة، لأخذ العبر من الحادث والإلمام بطرق المعالجة، حيث إنّنا لم نلحظ تدخّل أجهزة الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني”.
وفي بيانٍ، طالب النائب ملحم الحجيري وزير الصحة والقضاء اللبناني بـ”فتح تحقيق سريع ومساءلة إدارة مستشفى “الجعيتاوي” على خلفية رفضها استقبال سائق الشاحنة، الذي كان قد أصيب بحروقٍ بالغة، بحجة عدم توافر سرير طبي، ما أدّى إلى وفاته بعد انتظار على باب المستشفى، دون إدخاله حتى إلى قسم الطوارئ”.
وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي قد غرّدوا متأسّفين على الضحايا، “ما يعكس حجم المأساة، سواء لناحية عدم قدرة اللبنانيّين على صيانة آلياتهم ومركباتهم وسط الغلاء المستفحل، أو لناحية طرقات لبنان التي باتت بمثابة جهنّم في قلب جهنّم”.