اختلف شكل الدعاية والإعلانات التجارية في ظل التطور الهائل لتكنولوجيا الاتصالات، ودخول شبكات التواصل الاجتماعي كمنافس شرس لوسائل الإعلان التقليدية، مثل الصحف والتلفزيون والراديو وغيرها!
ولا شك أن انخفاض سعر الإعلان في المنصات الحديثة أثر بالسلب على حجم الدعاية التي كانت تتجه إلى الوسائل التقليدية.
وهذا وإن كان يصب في النهاية في مصلحة المسوقين، وأنتج شبكة هائلة من التجار الافتراضيين، الذين لم يعودوا بحاجة إلى تخصيص ميزانية هائلة لتسويق منتجاتهم، بل إنهم صاروا في غنى عن امتلاك أو تأجير محال للبيع والشراء، فبإعلان لا تزيد كلفته ربما على 10 دولارات يمكن أن تصل دعايتهم إلى عشرات الآلاف!
وبقدر ما يبدو هذا التطور إيجابياً في أحد جوانبه من حيث إتاحة الفرص أمام الكثيرين للتربح والتجارة دون ميزانية تذكر، فإن له جوانب سلبية كثيرة، بدأت تظهر ملامحها بوضوح في الآونة الأخيرة، وهي عدم وجود رقابة أو معايير تحكم جودة المنتجات التي يتم تسويقها، ما فتح الباب أمام ترويج سلع بالغة الخطورة على الصحة العامة، مثل الأدوية والأعشاب الطبية والمقويات والمنشطات، وهي بالطبع منتجات لا يمكن أن تجد طريقاً للدعاية في وسائل الإعلام الرصينة!
ناهيكم عن ترويج منتجات مقلدة من علامات تجارية شهيرة، بأسعار لا يمكن تخيلها بالطبع، وحين يقع المشتري في فخ شرائها يكتشف رداءتها، ويدرك أنه ضحية عملية احتيال ممنهجة، دون رقابة من إدارات وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يهمها سوى التربح في النهاية.
وفي هذا المقام يجب أن ننوه بحرص المشرع الإماراتي على فرض عقوبات رادعة بحق مرتكبي هذا النوع من الجرائم، بحسب ما ورد بالقانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2016 بشأن الغش التجاري، إذ نص على «معاقبة كل من استغل الإعلانات التجارية أو تقديمها أو الوعد بتقديمها في الترويج المضلل والدعاية غير الصحيحة أو الترويج لسلع مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة، بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 250 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
ومتى كان محل جريمة الغش التجاري أو الشروع فيها أغذية أو عقاقير طبية «يعاقب مرتكبوها بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
لكن من الضروري أن ننتبه إلى أن هذا يمكن تطبيقه على من يرتكب هذه الجرائم داخل الدولة، لذا تبقى هناك مسؤولية كبيرة على المستهلك، فمن الضروري عدم الانسياق وراء هذه الإعلانات، والتأكد من مصدرها قبل الوقوع ضحية سلعة ضارة أو الاحتيال، فليس كل ما يلمع ذهباً، خصوصاً إن كان رخيصاً!
المصدر: وجيه أمين عبدالعزيز