العرب في أوكرانيا

عراقي وسوري وليبي خرجوا من بلادهم التي شهدت حروباً طاحنة وتوجهوا إلى أوكرانيا، بحثا عن ملاذ آمن ومستقبل أفضل. لكنهم وجدوا أنفسهم وقد تقطعت بهم السبل عالقين وسط حرب طاحنة بين روسيا وأوكرانيا.

غادر الشاب العراقي مرتضى العامري بلاده في عام 2010 هرباً من ويلات الحرب متجهاً إلى أوكرانيا، ومنذ ذلك الوقت يقيم في العاصمة كييف. لكن الشاب العراقي الحاصل على شهادة في طب الأسنان وجد نفسه يفر من حرب إلى حرب وأصبح عالقاً في بلد يئن تحت ضربات إحدى أكبر القوى العسكرية في العالم.
عالقون في كييف
يقول مرتضى في حوار مع DW عربية إن الوضع في العاصمة يتدهور بشكل مستمر، وإن “مخزون الأغذية والمستلزمات التي حصلنا عليها في أول يوم آخذ في النفاد، حتى الأموال القليلة التي تمكنّا من سحبها من الصراف الآلى قبل أن تتعطل كافة الخدمات المالية في البلاد شارفت على النفاذ”.
ويؤكد الشاب العراقي أن هناك الكثير من العائلات العربية في كييف “لكن وضع العائلات العربية في مدينة خاركيف أسوا بكثير بسبب القصف الروسي العنيف”.

ويقول مرتضى إن العاصمة الأوكرانية كانت تحت حظر مشدد للتجول ليومين متتاليين “لملاحقة مخربين وعملاء روس يرتدون ملابس عسكرية أوكرانية يحاولون القيام بعمليات في العاصمة”، لكن الحظر انتهى بحلول الساعة الثامنة من صباح الاثنين (28 شباط/ فبراير 2022) بحسب ما قال لـ DW عربية.
وأشار الشاب العراقي إلى إنه ومن معه سيحاولون الوصول إلى الحدود البولندية: “حجزت قطاراً اليوم للتوجه إلى الحدود .. لكننا في الحقيقة لا نعرف بعدها ماذا سيجري.. لا شيء يبدو واضحاً”.

سليمان علي.. طبيب سوري قدم من مدينة الرقة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2011 هارباً من الحرب في بلاده. لكنه الآن وبعد عشر سنوات في أوكرانيا يجد نفسه عالقاً مرة أخرى وسط معارك طاحنة.
يقول سليمان إنه تمكن أخيراً من عبور الحدود البولندية-الأوكرانية بعد رحلة شاقة للغاية، حيث انتقل من وسط أوكرانيا إلى ما قبل الحدود بنحو 30 كيلومتراً في رحلة استمرت نحو 26 ساعة، بعدها ولمسافة 30 كيلومترا تابع رحلته هو ومن معه سيرا على الأقدام في درجة حرارة تحت الصفر نظراً لاستحالة استعمال السيارات في هذه المنطقة.
الطبيب السوري أكد لـ  DW عربية أن الوضع في الأيام الثلاثة الأولى من الحرب كان مأساوياً للغاية بالنسبة للسوريين والذين كانت سلطات الحدود البولندية ترفض عبورهم، “لكن بعدها جاءت موافقة الاتحاد الأوروبي على عبور اللاجئين من أوكرانيا عبر منحهم تأشيرة دخول لمدة 15 يوما لكافة الجنسيات”.
وأكد سليمان علي أن الأولوية في عبور الحدود الاوكرانية-البولندية كانت للنساء الأوكرانيات وأطفالهن ثم البنات والنساء من جنسيات أخرى، وبعدها الشباب والرجال “وهؤلاء عانوا كثيرا بالفعل على الحدود بسبب انخفاض الحرارة وعدم توافر الطعام أو أماكن الانتظار ومنهم من ناموا في العراء لخمسة أيام متواصلة”.
وقال الطبيب السوري إن ما عجّل بعبوره للحدود الأوكرانية هو كونه طبيبا وأنه ساهم في معالجة أكثر من 30 حالة إسعاف لمرضى على الحدود سقطوا بسبب البرد والضعف العام ونقص الغذاء والدواء وخصوصاً بين الأطفال وكبار السن، مؤكداً على “ضرورة تدخل المنطمات الإغاثية الدولية بسرعة قبل أن تتحول المسألة إلى كارثة إنسانية كبرى خاصة وأن الأعداد تتزايد على الحدود مع انخفاض قدرة الكوادر الموجودة في المنطقة على التعامل مع الأمر”.

إلى أين المفر؟
راواد دقدوق شاب ليبي غادر بلاده لدراسة الطب البشري ويقيم في العاصمة الأوكرانية منذ 4 سنوات، قال إن الوضع شديد الصعوبة ويذكر بما كانت تشهده بلاده من معارك، وأضاف أنه منذ الساعة الخامسة من فجر الأمس انتشرت اصوات الانفجارات في عدة مدن محيطة بالعاصمة كييف مع انتشار كثيف للقوات الروسية.
أكد راواد أن الوضع مرزي للغاية وحتى من يهرب من العاصمة لا يعرف إلى أين سيذهب لإنقاذ حياته، وإن أغلب من حوله من سكان إما هربوا للاحتماء بمحطات مترو الأنفاق أو إلى مرآب السيارات تحت الأرض، مشيرا إلى أن الأغلبية تتجه إلى الغرب باتجاه مدينة لوفوف ومنها إلى الحدود البولندية سيرا على الأقدام. وقال إن القوات الروسية لا ترحم أحدا تراه في الشارع سواء أكان مدنيا أم عسكريا.
وقال طالب الطب الليبي خلال مداخلة على إحدى غرف كلوب هاوس club house إن الخارجية الليبية والسفارة تبذل جهودها، لكن ذلك لا يكفي لإخراج العالقين الليبين من أوكرانيا. وقال إن السفارة أعطت أولوية الإنقاذ للعائلات وطالبت الباقين بالصبر، وهو ما تقبله بتفهم وقامت السفارة بتوفير حافلتين فقط للعائلات بمعدل 75 مقعدا فقط للنازحين.
وقال راواد إن الوضع في مدينة خاركيف الحدودية مرعب فالقصف لا يتوقف خاصة وأنها على الحدود الروسية، “كما أن الانترنت والكهرباء انقطعت في عدة مدن بسبب القصف العشوائي، ما جعل التواصل مع عدد كبير من الجالية الليبية المنتشرة في عدة مدن أوكرانية شبه مستحيل”.

أهلاً باللاجئين “الأوكرانيين”
جاء ذلك في الوقت الذي قامت فيه عدة دول أوروبية بتخفيف إجراءات دخول الأوكرانيين إليها إلى أقصى حد، فيما تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون باستقبال لاجئين من أوكرانيا، وتعهد بمساعدة “الفارين خوفا على حياتهم”.
وأعلنت شركة السكك الحديدية التشيكية قبل يومين وصول أول قطار خاص ينقل لاجئين من أوكرانيا إلى محطة مدينة بوهومين الواقعة شرقى البلاد. أما رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي فقال إن بلاده “مستعدة لاستقبال عشرات ومئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين”.
وكانت بولندا قد أغلقت حدودها الشرقية مع بيلاروسيا أمام العديد من الأشخاص القادمين من مناطق الأزمات مثل أفغانستان وسوريا والعراق الذين حاولوا دخول الاتحاد الأوروبي بشكل غير رسمي قبل بضعة أشهر. وأفادت البيانات الصادرة عن الحكومة البولندية أن نحو 35 ألف لاجئ وصلوا من أوكرانيا حتى الآن.
واستقبلت نزل الإيواء الأولي لولاية براندنبورغ الألمانية في منطقة ايزنهوتنشتات ستة لاجئين أوكرانيين بعد أن وصلت عائلة أوكرانية إلى منطقة براندنبورغ/هافل. وكان رئيس حكومة الولاية ديتمار فويدكه أعلن يوم الجمعة أن براندنبورغ تستعد لوصول ما لا يقل عن 10 آلاف لاجئ من أوكرانيا. فيما أكدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أن بلادها مستعدة لحركة لاجئين من أوكرانيا، وقالت إن بلادها ستقدم دعماً لدول شرق أوروبا التي تواجه تدفق اللاجئين عليها وخاصة بولندا.

محمود حسين

Exit mobile version