سيكولوجية الغيرة

” سيكولوجية الغيرة “


لو رأيت رجلا مع إمرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أتعجبون من غيرة سعد! فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني.” البخاري.

هل الغيرة من النفس؟ هل هي حالة انفعالية وردة فعل من مشاعر عاطفية قلبية أم عقلية ؟ و من أين أتت الغيرة ؟ وهل غيرة النساء مثل غيرة الرجال؟ ولماذا منا من يغار ومنا من لا يغار ؟ وما الحكمة في إيجاد الغيرة بيننا؟ وهل تتفاوت درجاتها ؟

ابتدئ بذكر قصة فريدة من نوعها قرأتها في احدي الكتب الطريفة اختصرها لكم في بضع كلمات “عندما داعب أحد عمال حديقة الحيوانات لبوة وهو يؤاكلها، غار الأسد على لبوته فهجم على الرجل وأكل ذراعه ” …

سيكولوجية ” الغيرة ” موجودة فينا ولكنها غير متوازنه . فمنا من يغار غيرة فوق طاقته، وتنعكس عليه ويخسر خسارة كبيرة .ومنا من لا يغار أبدا وليست لديه ذرة مشاعر ويقصد به الديوث أعاذنا الله منه. وأيضا يخسر خسارة كبيرة. والاثنين نهايتهما تعيسة بتعدد أسباب الخسارة ..فالغيرة المفرطة ليست مطلوبة، ولا الغيرة الناقصة والمعدومة مطلوبة أيضا، فالموازنة في الغيرة مهمة جدا .
أعظم وأجل غيرة أن تغار على حرمات الله ..قال تعالى “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” . فيجب أن تتحرك غيرة المؤمن في كل ما نهى الله تعالى عنه وأدى إلى فتنة.

عندما نتحدث عن الغيرة، المقصود الأول هو الرجل لأن الرجال قوامون على النساء بتسليمه مفتاح القيادة، وتأمينه عليها، فهو الذي يختار المرأة ويدخلها بيته ويؤسسه معها، فالغيرة بالحكمة مطلوبة وتلعب دورا كبيرا هاما في تأسيس هذه المملكة. وأيضا الأب عندما يغار على ابنته والأخ على أخته والولد على أمه. يجب أن يتعاملوا جميعهم بالحكمة وأن يتفهموا معناها، بأن الغيرة معناها المحبة والحماية من الزوج، الأب، الأخ والولد. والاشكالية الكبرى في الزوجة عندما تفهم بأن الغيرة تسلط وسيطرة.. وبداية خلاف لا تنتهي. فالزوجة عندما تفهم معنى الغيرة وتتفهمها، ستتقن هذا الفن وستلعب دورا جميلا في تطبيق هذا المفهوم مع زوجها في الحياة و في ايصال تلك الحكمة التي علمها إياها زوجها من بداية حياتهما التي تصدر من أفعاله، إلى بناتها وأولادها وستحسن في التربية إحسانا..

أما إذا ذكرنا غيرة المرأة فهو كتاب بمقدمة وليس له خاتمة …فالغيرة عند المرأة شيىء طبيعي مخلوق فيها، وليس بملموس بل محسوس. ولا تخلو إمرأة من غيرة .. و غيرتها دائما غير موزونة، لأنها عاطفية وتصدر أفعالها غالبا من قلبها وليس من عقلها. والحكمة مطلوبة ومصدرها العقل . فمنظومة الغيرة عند المرأة والرجل مختلفة تماما تجمعهما فقط معناها في كلمة الحماية. فغيرة الرجل في حماية العقل. لأن غيرته على من يتولاها طبيعي ومخلوق فيه أيضا. و غيرة المرأة في حماية القلب تحمي بها قلبها وكلاهما اذا زادت الجرعة، انتقلت الغيرة الى الشك والظنون الذي يؤدي إلى دمار وآلام إلى ما لا نهاية …
فمنظومة مفهوم الغيرة..هي الحماية على جميع الأشياء التي تهدد أمن النفس . فالغيرة أولا وأخيرا هي الحماية وأولها أن تحمي نفسك فغيرك .
اذا الغيرة يفرزها القلب وتتحكم بها النفس بإشارة وتوجيه من عقلك ..
و موازنة النفس في غاية الأهمية هنا وتلعب دورا هاما في شخصية الإنسان وهي التي تحدد مصير علاقته بالآخرين. فعندما يغار الإنسان غيرة بلا حدود هنا حكم قلبه وليس عقله..وعندما لا يغار أبدا هنا قلبه في الأصل لا يعمل …
فضع ميزان عقلك مع قلبك في مستوى واحد ..
وتعلم كيف أن تغار على نفسك أولا وغيرك ثانيا ؟ بالحماية الموزونة …
فأمن قلبك واغلقه بمفتاح الحماية وتأكد قبل أن تفتح قلبك أن تشاور عقلك وبعدها لك مطلق الحرية في أن تتفنن في الغيرة .

بقلم/ ميادة مدني .

Exit mobile version