بقلم / ساره الحاج
قائدةٌ ذات شخصيةٌ فريدةٌ من نوعها ، قويةٌ في قراراتها ، حنونةٌ في علاقاتها ، متقنةٌ لعملها ، صبورةٌ ومبدعةٌ في تحقيق أهدافها ، ذكيةٌ ومتميزةٌ في تواصلها وتأثيرها في الآخرين ، إنها أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي المرأة العربية الأصيلة ، ذات الأسرةُ البدويةُ ،المتحفظةُ والمتدينةُ ، التي تربت على تحمل المسؤوليةِ منذ صِغرِها ، تميزت في أخلاقها ، ومُعَاملتُها ، ولدت سمو ها في منطقة الهير بمدينة العين في إمارة أبوظبي .. عشقت بساطة حياة البداوة وقيمها ، وأستمدت منها شخصيتها وثقافتها .
فكانت لها رؤيةً واضحةً للبيت الذي ستؤسسه مع شريك حياتها ، وعندما شاء الله وجمعها بزوجها الشيخ زايد رحمه الله في بداية العام 1960م عندما كان ممثلاً للحاكم بالمنطقة الشرقية ( العين ) ، ثم إنتقلت معه للعيش في مدينة أبوظبي بعد تقلده الحكم في إمارة أبوظبي في 6 أغسطس عام 1966م ، فكانت نعم الزوجة والشريكة . شعارها التعاون والحوار ، فهما السبيلان الأساسيان لتخطي جميع المشاكل التي يمكن أن تواجه بيت الزوجية والذي تَنَبها اليها الشيخ زايد رحمة الله عليه (حكيم العرب ) ، حيث أوكل لها بعض المهام لتقف بجانبه يد بيد في بداية تأسيس الإتحاد ، فشخصيتها المتزنة وكل المواصفات القياديةُ التي تتميز بها ساعدوها على التعامل مع الحياة والمحيطين بها بحكمة ونضج ، إختارت أن تعيش حياة متميزة وليست عاديةً ، لذا قررت أن تبني حياةً ناجحةً يكون بطلاها هي وزوجها .
فكانت الأم القائدةُ . بمعنى أنها تؤثر ، توجه ، تعطي القدوة الصالحة ، تربي على الأخلاق الراقية ، شغوفة بالعلم والمعرفة ، تترك لمسة حنونة وطيبة في قلوب أبنائها .
تعلم جيداً أن رسالتها الأولى هي جعل بيتها مدرسةً لتخريج الأشخاص القياديين ، الإيجابيين ، والمتميزين …. فكان نتاجها إبنتين وستةٌ من الأبناء قادةٌ غزوا العالم بأفكارِهم وسياساتهم الحكيمة التي يشهد لها العالم .
علمت جيداً مسؤوليتها إتجاه مجتمعها . وعلمت أنها فرد منتج وليس زائد ، فجعلت من الإتقان شعاراً لها في عملها … أفكارها … دراساتها ، مشاريعها … رسالتها في ذلك المساهمة في نهضة وطنها وشعبها ، واثقةٌ من نفسها ، متواضعةٌ ، حييةٌ محسنةٌ ، بارعةٌ في ترتيب أولوياتها وأدوارها في الحياة ، متعايشةٌ مع جميع الأفكار والمرجعيات والجنسيات المنتشرةُ في مجتمعها حيث تبحث عن النقاط المشتركة والايجابيةُ لدى الآخرين للمساهمة في تنمية وطنها والإرتقاء بشعبها ونهضتهُ بين سائر المجتمعات وبالذات المرأه ، لدرايتها الفطنةُ أن للمرأة مكانة عظيمة في الأسرة والمجتمع ولها دور رسائلي نبيل في نهضة الأمة من خلال تربية المجتمع على القيم والمبادىء والفكر المتزن وفي غيابها يحدث خلل في التركيبةُ المجتمعيةُ و الإنسانيةُ ، بإعتبار أن المرأة هي التوازن ومحور الحياة.
فسعت سموها في نهضتها وإشراكها في عمار دولة الإمارات الغاليةُ على قلوبنا ، حيث عمدت في بناء المدارس وتعليم الإناث كحملةً للقضاء على الأمية بين النساء الإمارتيات ، واستحوذت قضايا المرأة والطفولةِ والاسرةِ على إهتمام خاص من قبل سموها ، وتعد هذه القضايا الشغل الشاغل لها ، وأستطاعت خلال فترةً وجيزةً أن تحقق للمرأة والطفل والأسرةِ مكاسب ومكانةً هامةً على الأصعدةِ كافة .
فأسست ورأست أول جمعيةً نسائيةً في ابوظبي هي جمعية المرأةُ الظبيانيةُ في 8 فبراير عام 1974م ، بعد ذلك توالى تأسيس الجمعيات النسائيةُ في باقي إمارات الدولة ، وبالتالي تم تأسيس الإتحاد النسائي العام في 27 أغسطس 1975م ، وأنتخبت سموها رئيسة للإتحاد . وكان هدف التأسيس هو الحاجة الى تنسيق جهود وأهداف جميع الجمعيات النسائية .
وفي عام 2001 أنشأت سموها المجلس الأعلى للأمومة والطفولةِ ، ودعمت دخول المرأة الإماراتيةِ الى العمل السياسي فأصبحت المرأة الإماراتيةُ تشغل 59% من حجم قوة العمل بما في ذلك المواقع القياديةُ في صنع القرار . ونالت سموها من الاوسمة التي تجاوزت 500 وسام ، وهي ليست بكافيةً بوصف ما قدمته سموها للمرأة الاماراتية ، وتستمر سموها بنفس العطاء والدعم على مدى السنوات ، فحرصها على إثبات وجود المرأة الإماراتية ودعمها في جميع ميادين العمل والإستقرار الأسري ، وجهت سموها بإطلاق شعار يوم المرأة الإماراتية لهذا العام 2022 م ليكون واقع ملهم .. مستقبل مستدام ، فهنيئاً لشعبا نال أماً عظيمةً كسموها ، لقبت عالميا بأم الإمارات بجدارة .